٣٥ سنة لاحقا

اجتمعت أمس في لقاء عام بمجموعة شخصيات لم يسبق لي معرفتها وعند التعارف بالأسماء مع أحدهمو هو يتحدث بتثاقل وحركة متأنية مع وضوح تقدم العمر عليه و إذ به الشخصية نفسها التي كانت محلاهتمام بالمجتمع وعالم الأعمال قبل أكثر من 35 عاما و خلال لحظات رجعت بي الذاكرة الى الوراء كلتلك السنوات حيث كان اسما لامعا و بموقع و منصب مهم في احدى الشركات العملاقة ، كنا حينها علىوشك التخرج من الجامعة و نبحث عن فرصة  أو تدريب بسوق العمل ، و كان هو محل اهتمامي بشكلخاص ، كيف أصل إليه وهل أستطيع أن أحصل على قبول عنده للتدريب بالشركة التي يديرها على الأقل،  أذكر حينها أنه كانت هناك حواجز كثيرة للوصول إليه .

لقد تأثرت جدا حين ذكر الاسم و استعرضت بذاكرتي شريط طويل من شخصيات الماضي ( ما يقارب ال20 شخصية ) وما كانت عليه تلك الشخصيات من مكانة و رفعة و أموال في ذاك الزمان و ماذا حل بهاالآن بعد مرور هذه السنوات الطويلة .

الكثير منهم كان من الصعوبة البالغة الوصول اليهم أو التحدث معهم أو ترتيب أي نوع من العلاقة أوالعمل بالمنظومة التي يديرونها .

سوف استعرض بتصنيف بعضها و ما آلوا  إليه حسب التالي :

١- منهم من توفاه الله وأصبح في طي النسيان وتوزع أولاده في أصقاع الأرض .

٢- منهم من أصيب بالعجز و بالاكتئاب ويذهب للعلاج هنا وهناك .

٣- منهم من بقي وحيدا يترقب الهاتف عسى أن تصله مكالمة أو رسالة من أحد أولاده بالمهجر و يترقبقدوم الأعياد لتكون فرص التواصل أكثر حظا .

٤- منهم من أصابه الفشل الكلوي ويقضي وقته بين الجلسة و انتظار الأخرى .

٥- وآخر حجزت حريته لمتابعات قضائية ومالية يترقب الفرج .

٦- احدهم يتابع أولاده و مشاكلهم اليومية محاولا مساعدتهم فيم تورطوا به تجاريا ومهنيا  .

٧- أحدهم يبحث بتواضع عن الأصدقاء القدامى محاولا إحياء بعض العلاقات القديمة الصافية يستعيدذكرياته معهم .

٨- منهم من يتردد بين طبيب وآخر عله يجد ما يعيد شي من صحته وعافيته أو على الأقل يوقف منتدهور حالته ، وخصوصا ممن أصيب بالمرض الخبيث الذي يأكل من صحته رويدا رويدا يوما بعد يوم .

٩- هناك من هاجر طوعا أو قسرا .

١٠- أحدهم غادر البلد ( عمدة الجالية ) قبل منعه من السفر بعد أن صدر بحقه حكم قضائي بمبلغ كبيرلصالح أخيه صاحب الدعوة .

ومما لفت إنتباهي أن هناك عدد منهم رغم كل ما آل إليه الحال من تقدم بالعمر وتراجع بالصحة والحركةإلا أنه لا يزال يبحث عن فرص عمل و استثمارات جديدة .

من جهة أخرى هناك شخصيات تراجعت عن متابعة الأعمال اليومية

و فرغت جزء مهما من وقتها لعمل الخير ومساعدة الآخرين .

ومن خلال هذا الاستعراض الكامل بين الماضي والحاضر هناك بعض الملاحظات الواضحة منها التالي :

١- أفضلهم حالا ( صحة ، أولاد ، أصدقاء ) هو من عُرف عنه التواضع والعطاء في ذلك الوقت .

٢- المال موجود عند معظمهم ولكن لم يعد ينفع مما يشكون منه اليوم  .

٣-يكابرون ويرفضون التواصل مع الآخرين رغم حاجتهم لذلك ( حتى مع أولادهم )  ولكنهم يفرحون بأيمبادرة من الآخرين باتجاههم .

٤- معظمهم أعطى الأولوية للعمل والثروة المادية عن الصحة و العائلة والأصدقاء و راحة البال .

٥- الامتحان لم يكن محصورا بشي محدد و إنما كان متعدد الألوان ( الصحة ، المال ، صلاح الأولاد ،الأصدقاء ، الحرية و راحة البال ) .

أخيرا نسأل الله حسن الختام و حبذا لو يكون ذلك عِبرا للجيل الجديد باغتنام خمس قبل خمس .

Previous
Previous

الكلفة صفر

Next
Next

القرار لك