هل صناعة النجاح تعني إعمار الأرض؟

أي مشروع ناجحا أو فاشلا لا يمكن أن يكون إلا من خلال إطلاق مبادرة، و قصص النجاح الكثيرة بالعالم هي من بدايات صغيرة و من مبادرات بسيطة اكتملت عناصر نجاحها الى أن أصبحت قصة نجاح، و للوصول الى قصة نجاح نحتاج الى توفر عناصر كثيرة " بعد توفيق الله تعالى " ، ولكن لا بد من الاستمرار في اطلاق المبادرات ومن الأهمية أن تكون مقرون بنية " إعمار الارض " .

لقد لفت انتباهي مقولة رجل الاعمال صالح كامل رحمه الله (صناعة النجاح تعني لي إعمار الارض وتشغيل الناس) .

و يذكر أن صالح كامل أسس و أنشأ 360 شركة في عدة دول و بالتأكيد هناك عدد كبير منها لم ينجح وكان مصيرها الفشل ، و لكن من المبادرات اللطيفة الناجحة والتي لها بعد كبير في محاربة المعاملات الربوية من خلال اطلاق مبادرة التعامل البنكي بتقنية نظام المضاربة والتي تتماشى مع احكام الشريعة ، وأصبح رائد الصيرفة الاسلامية ، و ساهم مع مهتمين آخرين في تأسيس العديد من البنوك ذات المنتج الاسلامي ، والتي انتشرت بفترة زمنية متقاربة منها ( بنك دبي الاسلامي ، بنك فيصل المصري ، بنك فيصل السوداني ، بنوك البركة ) والتي تطورت لاحقا وانتشرت الى أن أصبحت تطبق منتجاتها في اصقاع الأرض وفي كثير من بنوك العالم الغربي .

كانت هذه البداية قبل نصف قرن (منتصف ستينات القرن الماضي) ، من خلال رؤيا لوالدته بالمنام والتي رسخت لديها قناعة مطلقة بالعمل على ابعاد ابنها عن التعامل الربوي و تعاملت معه بفطرتها البسيطة واصرارها الى أن وصل الأمر عندها أن اشتكت لصديق العائلة بمصر الشيخ الشعراوي رحمه الله حيث لعب دورا هاما في أمرين :

١- طرح الحلول التي تماشي العصر وعالم الأعمال في موضوع الاقتراض.

٢- تكريس فكرة أن النية الخالصة لمرضاة الله سوف تثمر وتأتي بنتيجة (من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).

بلا شك الاهتمام والوازع الداخلي في البعد عن الحرام، ثم مرضاة الوالدة كان مدعاة الى البحث عن حلول والاصرار على تطبيقها.

سوف يبقى هناك حاجة الى البحث عن اجتهادات وحلول ومبادرات توفق بين التطور التقني والرقمي وبين الفقه الشرعي المتأصل.

من المبادرات اللطيفة الجديرة بالذكر هي "بنك جرامين " وهو البنك الذي يقرض أموال متناهية الصغر حيث بدأت الفكرة عند صاحبها محمد يونس في قرية جوبرا في عام 1976 بقرض يبلغ 27 دولاراً وكان واحدا من أهم البرامج المناهضة للفقر في العالم وتطور الى أن يضم البنك حالياً ما يزيد على 2500 فرع في العالم ويعمل لديه حوالي 26 ألف موظف، وقد أقرض البنك مليارات الدولارات للملايين من الفقراء بمعدل استرداد قدره 98%. وتتالت تلك الانواع من البنوك بأسماء مختلفة في عدة دول بالعالم وبنفس المبدأ لغرض مساعدة الطبقة الفقيرة والعمل على تحسين دخلهم والفكرة من هذه البنوك أن لا يعود بالفائدة على اصحابه حيث لا يحق لهم سحب أي عائد وإنما يتم اعادة تدوير العوائد في توسعة رقعة المستفيدين.

Previous
Previous

اتركها للزمن

Next
Next

التخارج بين المنظومة والكوادر السلبية