أَطْلِق المُبادَرَة
معظم الشَّركات الكبيرة والكيانات المهمَّة بالعالم بدأت بمُبادَرَة بسيطة، وتنامت إلى أن أصبحت إمبراطوريات كبيرة انتشرت بالآفاق، وسواء كان ذلك على صعيد الشَّركات الخاصَّة بالأعمال أو المُؤسَّسَات ذات الطابع الخيريّ والإنسانيّ، وبلا شكّ أيضًا هناك مُبادَرَات كثيرة يتمّ إطلاقها ويكون مصيرها الفشل، وتموت في مَهْدها، وبكلتا الحالتين والمسارين تكون هناك مُسبِّبات لذلك، ولكنَّ المشترك هو "إطلاق المُبادَرَة".
وعليه فإنَّ من الأهميَّة أن نعمل على نَشْر فكرة "المُبادَرَة" بيننا، وبيان أهمّيّتها، ولكنْ حبَّذا أن يتمّ ذلك مع الإضاءة على القواعد المُهمَّة لإنجاحها، ومع إيضاح الرُّؤية والرِّسالة والهدف، ويبقى توفيق الله هو الفيصل في الأمر. وكذلك التَّأكيد على أنَّه ليس بالضرورة نجاح كلّ مُبادَرَة تُطلَق، وإنَّما تكرار الطَّرح، والمحاولة بوجود التَّعديلات المستمرَّة التي تتطلَّبها الحالة هو الطَّريق للنَّجاح، وكثير ممَّا نراه من قصص نجاح اليوم، ما هو إلَّا نتاج محاولات فشل مُتعَدِّدَة سَبَقتها، وعليه ينطبق الحال على مُبادَرَات العمل الخيريّ؛ حيث من الأهميَّة لنجاحها أن يُؤخَذ بالاعتبار كلّ مُسبّبات النَّجاح.
وهنا أودّ الإشارة إلى أنَّ إطلاق "المُبادَرَة" في البداية لا يحتاج إلى أموالٍ أو إمكانيَّات، وإنَّما هي مُكتَسَبات وشَغَف ومهارات شخصيَّة، وهناك أمثلة كثيرة في العصر الحديث، وكذلك من السِّيرة النبويَّة، ومثال ذلك لمَّا جاء قومٌ شديدو الفاقة والفقر إلى مجلس النبيّ ﷺ، وتأثَّر النبيُّ ﷺ بحالهم، وحثَّ الصحابة على إكرامهم؛ فقام أحد الصحابة بإطلاق المُبادَرَة بأوَّل مشاركة في العطاء، ثم تتابع الصحابة بما تجود به أنفسهم، وتتالت العطايا وجُمِعَ الشيء الكثير.
من هنا ومَهْمَا كانت الإمكانيَّات المتوفّرة، علينا ألَّا نُعوِّل على الآخرين، ولنبدأ بالمُبادَرَة، ولنَبْحَث دومًا عن قواعد ونواميس النَّجاح.